الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • بين دمشق وأنقرة وموسكو.. "الإدارة الذاتية" في خانة الـ"يك"

  • النظام السوري وأنقرة.. حصار أكراد حلب عربوناً لنسيان الماضي
بين دمشق وأنقرة وموسكو..
أنقرة ودمشق \ ليفانت نيوز

تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية والسكن الشبابي حتى طريق “الكاستيلو”، في محافظة حلب شمال غرب سوريا، منذ العام 2013، وقد نصبت حواجز عند مداخلها، ومنعت قوات النظام وميليشياته من دخولها، عقب إطباق النظام سيطرته على أحياء حلب الشرقية في ديسمبر العام 2016.

لكن، منذ 13 مارس الماضي، تمنع قوات ما تسمى بـ "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام السوري، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، دخول البضائع والمؤن لحيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، وهو ما دفع أهالي الحيين في التاسع من أبريل الجاري، للتظاهر تنديداً بممارساتها، على خلفية نقص الصحين والمواد الغذائية والمحروقات، ما رفع سعر ربطة الخبز السياحي إلى 4 آلاف ليرة، بعد أن كانت نحو 1500.

قائمة الممنوعات طويلة

ولا يقتصر المنع على دخول الطحين والأدوية فقط، بل توسعت قائمة الممنوعات رويداً رويداً، لتشمل الأقمشة ولوازم الصناعات النسيجية، وهو ما فسره أهالي الحيين، بسعي النظام لتضييق الخناق على المنتجين والصناعيين العاملين هناك، كما عمدت قوات النظام إلى منع نقّل الأموال عبر حواجزها، ولا تسمح لكل فرد بحمل أكثر من مبلغ 150 ألف ليرة سورية فقط، وتوفق من يحمل مبلغاً أكبر من ذلك، منظمةً ضبطاً بحقه، ومحيلةً إياه إلى المحكمة الاقتصادية، عدى الاتاوات على السلع الأساسية.

اقرأ أيضاً: شمال سوريا ساحة لاختبار التفاهمات الأميركية الروسية

ورداً على حصار الحيين الكرديين في حلب، حاصرت “قوات سوريا الديمقراطية”، قوات النظام السوري في مركز مدينة الحسكة، وقالت وكالة أنباء النظام “سانا“، في التاسع من أبريل، أن “قسد” أغلقت جميع المداخل المؤدية إلى مركز الحسكة، بعد ساعات من منعها إدخال الطحين إلى مخبز المدينة الأول “بقصد إيقافه عن الإنتاج وحرمان آلاف الأسر من الخبز”، وأردفت أن “قسد” نشرت مجموعات مسلحة عند المداخل المؤدية إلى مركز المدينة، ومنعت حركة السير للمدنيين والسيارات من وإليها.

خطوات النظام تثير الشكوك

تعاطي النظام مع الحيين اللذين تقطنهما غالبية كردية في حلب، وهم في مجملهم منحدرون من "منطقة عفرين"، التي تحتلها تركيا منذ مارس العام 2018، يثير الشكوك بوجود اتفاق بين النظام السوري وأنقرة، لتضييق الخناق على القوى الكردية، بهدف ضرب مراكز قوتها وإنهاء أي احتمالات لمهاجمة القوات التركية التي تحتل عفرين.

اقرأ أيضاً: تشبيح ابن قيادي في " الجيش الوطني" شمال سوريا يثير الغضب على السوشال ميديا

فالأخيرة، أي "عفرين"، ليست على سلم أولويات النظام السوري، ولا يجري التطرق لها إلا من باب رفع العتب إعلامياً، دون أن جهود حقيقة لحكومة دمشق في سبيل إعادة سكان المنطقة إليها، أو إخراج الجيش التركي منها، خاصة إنه تعهد قبل غزوها تركياً باستخدام المضادات الجوية ضد الطائرات التركية فيما لو غزت عفرين، لكنه تراجع عن تعهده ذاك، وترك عفرين لقمة سائغة لأنقرة وميلشياتها المعروفة بمسمى "الجيش الوطني السوري"، رغم أن المعارك العسكرية استمرت لـ 58 يوماً.

أنقرة تجس نبض دمشق

وقد شدد بالصدد، مصدر من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، في 14 أبريل، على أن موسكو، استضافت لقاءً على مستوى أجهزة الاستخبارات بين تركيا والنظام السوري، موضحاً أن "اللقاء الأمني الذي عُقد قبل أيام، تناول ملفات أمنية واستخباراتية فقط"، فيما كانت قد قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية، نقلاً عن ضابط سوري مشارك في الاجتماع، يدعى الرائد حيدرة جواد، أن الطرفين اتفقا على بنود عدة تصب في مصلحة الطرفين، منها الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم المساس بها، وبسط السيادة على كامل الأراضي السورية.

كما كان قد أشار إلى إمكانية التعاون الاستخباراتي مع تركيا لطرد "عملاء أميركا (قسد) من شرق الفرات في المرحلة المقبلة"، و"إعادة المنطقة إلى ربوع الوطن"، على حد تعبيره، وهو ما لا يمكن استبعاده، في ظل تعاطي أنقرة ودمشق مع بعضيهما من مبدأ مصلحتهما المشتركة في استهداف قسد، ومواجهة طموحاتها في إقامة "سوريا لا مركزية".

اقرأ أيضاً: مناورات وتعزيزات للتحالف الدولي إلى شمال سوريا

وبالصدد قال الكاتب محمد نور الدين في مقال رأي بصحيفة الخليج، في السادس عشر من أبريل، أنه "بمجرد أن تكون تركيا محتلة لأجزاء من سوريا، وتمسك بأربعة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، ولها في إدلب عشرات آلاف المسلحين غير الأتراك، ولا تعترف لا بالنظام ولا بالدولة السورية، فإن طرق باب تسوية هذا الملف تكتنفه صعوبات كثيرة".

مردفاً: "تحتاج أولاً وقبل كل شيء، إلى إرادة ورغبة تركيتين قويتين، بما فيه الكفاية لتنسحب من هذا الملف"، متابعاً: "وفي تقديري أن الرغبة والإرادة غير متوفرتين في السلطة الحالية في تركيا، وربما على العلاقات بين البلدين أن تنتظر نتائج انتخابات الرئاسة التركية بعد عام ليتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود".

التطبيع مع دمشق مقابل إنهاء الإدارة الذاتية

لكن الخيط الأبيض قد يظهر من الأسود قبل الانتخابات التركية، إذ قالت مصادر تركية لـ"صحيفة الشرق الأوسط"، في السابع عشر من أبريل، إن هناك اجتماعات سابقة جمعت بين فيدان ومملوك خلال العامين الماضيين في موسكو، لبحث القضايا الأمنية، وتكرار اللقاءات في ظل الظروف الراهنة، لن يكون أمراً غير عادي، وذلك عقب حديث وسائل إعلام تركية، عن لقاء مرتقب، يجمع بين فيدان ومملوك، في العاصمة الروسية.

اقرأ أيضاً: شمال سوريا.. قوات النظام تعترض دورتين منفصلتين للقوات الأمريكية

وأشارت الصحيفة إلى تكثيف وسائل الإعلام التركية، سواء القريبة من الحكومة أو المعارضة، حديثها عن خطوات لإعادة العلاقات بين أنقرة والنظام السوري إلى طبيعتها، بعد أن تخلت حكومة أردوغان عن مطلب رحيل الأسد، لافتةً إلى أن أردوغان اقترح على الأسد تطبيع العلاقات مع دمشق، على أساس إنهاء مشروع الحكم الذاتي للأكراد في شمال شرقي سوريا.

النظام يحاصر وأنقرة تقصف

ولعل ما يرفع من احتمالية وجود اتفاقية من ذلك النوع بين النظام السوري وأنقرة، هو أفعالهما، فبينما يحاصر النظام السوري الأحياء الكردية في حلب، يقصف الجيش التركي ومسلحوه السوريون، مناطق الإدارة الذاتية في شرق الفرات، حيث تسبب قصف تركي عنيف في السابع عشر من أبريل، على مناطق متفرقة بريف محافظتي الحسكة والرقة، بموجة نزوح وأثارت الهلع بين المدنيين.

اقرأ أيضاً: الانتهاكات تتواصل بحق أهالي عفرين شمال سوريا 

وبالتوازي، كشفت مصادر سورية مطلعة أن الوسيط الروسي هدد قوات سوريا الديمقراطية\قسد، بغزو فصائل المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي، لبلدتي الدرباسية وعاموده حتى تصل إلى مدينة القامشلي، إذا لم تنسحب من المربع الأمني، وتكسر الحصار عن المربعات الأمنية في القامشلي والحسكة، ونوهت "وكالة الأنباء الألمانية" نقلاً عن مصادر سورية معارضة، إلى أن الوسيط الروسي ضغط على قيادة قوات قسد لسحب قواتها من المراكز التابعة للنظام السوري في القامشلي، وعودة الموظفين التابعين للنظام.

المعطيات السابقة تعني بشكل أو بآخر، أن اتفاقاً أو شيئاً منه، قد تم كما يبدو، بين النظام وأنقرة، بوساطة وعلم روسيا، للتضييق على "الإدارة الذاتية"، وقواتها العسكرية، بهدف تقليل سقف مطالبها إلى حده الأدنى، أو نسفها بالكامل إن أمكن، وهو أمر منوط بما تمتلكه تلك "الإدارة" من حلفاء في الخارج، وإمكانات في الداخل، خاصةً الموارد الاقتصادية التي قد تكون أوراق قوة تمكنها من الضغط، اقتصادياً أو سياسياً وربما عسكرياً، إن حشرت في خانة الـ"يك".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!